من قبر إلى قبر

نفد صبري فما عدت أقوى الانتظار, هل مر عام بعد على فقدكم؟ تعلمين أني ركيك الأسلوب مشتت الفكر دائما! لكني سأحاول جاهداً سرد ما أقاسي من بعدكم :

عام مذ سكنت الأرض, و ما سكن فؤاد يهيج بذكراكم, و لا عين نضبت من الدمع لفراقكم. أذكر حينها أن رجلاي اصطكتا فما قويتا على حملي, هويت إلى الأرض. شحب وجهي, ذهلت و تجمد الدمع بعيني, لا أذكر شيء سوى أن شاه نواز و إعجاز -رفاقي في السكن- وباقي أهل الحي, كانوا يبكون حالي وهل يبخل على من فقد آل بيته في لحظة بدمع عين؟

ألا ليت شعريا, ما آلَ إليه أمركم؟ هل صرعتم تحت أكوام الطين لحظتها؟ أم افترسكم الجوع والبرد و أنتم تئنون فلا مجيب؟ اشتريت لزكريا حلة لعروسه يهديها إياها ليلة الزفاف, فوا أسفي زكريا ( ....... تعذر علي النقل والتصرف في الترجمة لأني لم استطع تمييز الحروف بهذه الفقرة)........... فعذراً بني.

لم يكن باق ٍ لي سوى أسبوع على العودة, كنت كما أخبرتك عازم على الرجوع دون عودة للغربة لكن وبعد هجركم لي, لا أدري ما أنا فاعل أحسبني أدفع لصاحب العمل حتى يعطيني عمل يرهق جسدي به فما أقوى بعده على التفكير. فيم ينفع المال دون الزوجة و العيال؟ أما عن بيتنا, فلا لست أعيد بناءه الآن على الأقل أوصي به لليتامى من بعدي. إنها ذكراكم وأطلالكم ولست أقوى على مسحها من وجه الأرض.

زوجتي, أما أن الأرض سكنت ولكن لا زال الزلزال يرجف بنفسي و قد انصرم عام, أنتم للناس أرقام, مجرد عدد ازداد وتكوم بعضاً على بعض ليصل إلى خمس وسبعين ألف. أما أنا, الفاقد عائلته برمتها فترجف روحي وينهد كبدي و يهوي قلبي إلى الأسى تحت ركام الذكريات وأنقاض الأمس.كأني أنا الميت دونكم. أخبريني زوجتي ما الفرق؟ كل ما في الأمر أن قبري أوسع.. تركتم هذا الشيخ وحيداً خاسف الخد, ذابل الجسد معدوم من أسباب الحسد. لو مات فأودعتموه قبره لكنكم اخترتم الدنيا قبراً لي. فمن قبر إلى قبر : اشتقت إليكم.

إنعام الله خان