محليات: مواطن يموت جوعاً
كان هذا ما سيقرأ الناس صبيحة اليوم لولا لطف الله ومنه. وإليكم ما جرى, رجعت من العمل, تصهرني الشمس و لا يزال صراخ مديري يرن في أذني. أخذني الجوع فصحت بالخادمة : علي بالطعام! ذهبت لبعض شأني ثم عدت وإذ بالمفاجأة!
سحقاً ألم تسمعي؟ أم تتجاهلين أمري..! زمجرت وأنا انطلق إلى المطبخ لا ألوي على شيء ,إذ بالمطبخ مغلق وعلى الباب لصق مرسوم كتب عليه :
" لعدم توافر الشروط الصحية ما في طباخ ولا أكل" مع تحيات, شباب يهمهم أمرك!"
هممت بأمر سوء أن أفتح الباب واقطع الملصق أجزاءً لأنال حاجتي من الطعام. وإذ بالخادمة تصيح " نهي"! -كلا البتة بالهندية-
نظرت إليها شزراً .. ولم لا ؟
بعدين إنتي يدفع فلوس واجد.
ثم أوضحت لي سوء العاقبة والمنقلب إن أنا فتحت الباب على مصرعيه. فاستدعيت الطباخ الذي كان جزعاً فأخبرني أن بضعة مفتشين دوليين قاموا بالبحث في جميع منشأتنا المطبخية, وأبدى المفتشون- حفظهم الله- ارتياحاً من التعاون من قبل طباخنا – غربله الله- و تم رفع مذكرة إلى وكالة الأكل الدولية و توصية بإغلاق مطبخنا لشهر أو ريثما "انتسنع" حوقلت ,وبالله استعنت, وعليه توكلت. أخذ بطني يقرقر وألم بي ضعفُ شديد حتى انتهيت إلى معصرة الحي وإذ بها مغلقة وعليها نفس الملصق المشؤوم.. تباً لك يا "راجو" كم نصحك الشباب أن تحافظ على النظافة. وإذ براجو ينظر إلي من بعيد ويستغيث ويبكي " راهد باي ساب" وفي الهندية معناها – رائد أيها الجواد الصنديد - فقلت ما الخطب؟ أتدري؟ إلي بسندويش دجاج ثم قل لي من الخطب.. سكر , سكر. وهو يلطم ويحثو التراب على نفسه.
ولم أغلق محلك؟ أنت تدري أن المفتشين الدوليين لا يتقاضون مُكافَأَةً لكل محل يغلقونه بل في صمت ودأب يعملون , فلو رأيتهم عزيزي القاريء و لسان حالهم (لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا).. أكيد أصيب أحدهم بتسمم من جراء عدم مراعاتك..
أشاح بيده لا لا لا.. ثم جاء بأعذار واهية وحجج سخيفة ما كنت أحسبني أوصد باباً لأجلها. دعني من التشعب الآن, فالقصة أوشكت على الإنتهاء, اسندت ظهري لزاوية المسجد ,الذي حمدت الله أنه لم يقدم وجبات إفطار في غير رمضان وإلا أغلق هو الآخر, وإذ بصبيان الحي يرشقونني بالحصى ظناً منهم أني مجنون الحي وأنا افتح فاي ظناً مني أنه فستق ! لكن الفرج بعد الشدة, فقد أرسل الجيران طعاماً لأنهم أيقنوا أن مطبخهم مستهدف في الحملة القادمة و
الناس للناس من بدو وحاضرة*** بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ
لكن يبقى سؤال :
خادمتنا تسأل : ليس؟
طباخنا يسأل : ليس؟
راجو – يبكي حرقة- وهو يدير يده : ليس؟
وأنا أضم صوتي لأصواتهم و أَسأل: هذا الغياب لعقد من الزمن حتى سمعنا بأسطورة من باعنا الجت على أنه فلافل سنينا طوال, حسناً يفعل الشباب حين يبدون الشدة لكن.. إما أن نأكل الجت حتى نألفه أو نموت جوعاً لكثر ما أغلق من المطاعم؟!
ملاحظة : جيراننا استغربوا أن يقام فتح المطبخ بعد يومين و توافقنا وشروط الصحة في فترة قياسية لكن كل ما فعلناه هو أننا قمنا بتعديل الأدراج وتغيير المصابيح!
0 Comments:
Post a Comment
<< Home