عالماشي

Friday, May 26, 2006

صلاحية و مسؤولية

هم في كل مكان, مصيبتهم أنهم يحملون غضباً وشعوراً مستعراً بعدم الرضى من وظائفهم, الكل يهمشهم ولا يلقي لهم بالاً. أنهم أهل الوظائف البسيطة كحراس بوابات الشركات أو موظفي إدارة حكومية قد لا تضطر إليها في حياتك سوى مرة. وما أن تضطر إليهم إلا و هم يطيشون فرحاً بداخلهم لأنك أنت تمثل المجتمع الذي أهملهم, المجتمع الذي يحـتـقـر وظائفهم ويعدها ضرباً من ضروب الإحسان. هي فرصة ليثبتوا لأنفسهم قبل غيرهم أنهم ضروريون, هم أكبر مما تزدريه أعينكم, نعم ض..ر..و..ر..يــــون! هم حراس النظام.

ها؟ تتصور أن يرحمك؟ هيهات.. أكنت تذكره آنذاك؟ إنها السلطة يتذوقها ويستشف ملامحها " آسف" فقد يطلب منك الترجل من سيارتك أو يخبرك بشروط تعجيزية لإتمام معاملتك.. قد تخبره ببعد الشقة أو تبدو دهشاً , نعم إنها السلطة, إن بيده أن يسهل أمورك أو يشقها عليك ما أجمل هذا الشعور " ليته أكمل تعليمه " عله صار وزيراً تخضع أعناق الرجال له , أو جنرالاً تتراعد فرائص الجنود لذكر إسمه.

لا لا, أنا آسف لكن القانون.. ثم يسهب شارحا في صلف و زهو. كأنه يقول: انظر لدي حافظةً قويةً وقدرة استيعاب هائلة, و أنا أسخر من ذا كله لأنها لوائح و قوانين سننتموها أنتم ولا تستطيعون خرقها متى راق لكم ذاك لذا "أنا" نعم أنا حارس النظام. فإما أن تتملقه حتى تلين عريكته, ثم تشكره على واجبه المفروض عليه المدفوع ثمنه كأنه تبرع لك بكليته أو تري الجنرال الجانب المستور من السلطة و الوجه الآخر لعملتها.


وقد ابتلانا الله بمتعجرف من هؤلاء فلما نفد صبري لأنه للمرة الرابعة يسألني النزول معللاً: وما يدريني؟ إنه الأمن عزيزي..

يا رجل, أنتم تصنعون مولدات طاقة عن أية أمن تتحدث؟ أمستهدفون أنتم؟ أم تظنني أسرق واحداً على عاتقي؟

أين شهادة ميلاد جدتك؟ نعم والله لا يحضرني ما سأل عنه إلا أنني فغرت فاي لغرابة الطلب و وبداخلي صوت يأن :"ليه؟"

أخذت أحملق في إسمه فسألني متعالياً : ما الذي تنظر إليه؟

إسمك لأني أريد ذكره لنائب المدير العام إن هو تسائل لم خسرت شركته عقداً بملايين الدولارات, كانت تعول عليه لتنقذ نفسها من ورطة مالية. أتصور حينها أنهم لن يجدوا أي داعي سوى تكريمك. ثم هممت بالإنصرف.فإذ به يغير من طريقة كلامه متلعثماً.

يا صاح أقبل .. أنا , سوف أتغاضى هذه المرة عن إحضار باقي أوراق الإثباتات و أنا بذا أعرض نفسي للمسائلة.. لكن إياك أن تنسى في المرة القادمة.

تبسمت, نعم.. أليست كل مرة هي "هذه المرة" آه, إنه يتذوق الجانب المرّ من السلطة , المسؤولية وتحمل التبعات. رفع الحاجز وتركنا نمضي و شأننا.


نظر إلي مديري البريطاني : ما الذي قلت له حتى دعانا نمر بسلام دون أن يرسلنا هنا وهناك كالمعتاد؟

أخبرته أن شركته قد تفقد العقد, وهم على إثر ضائقة مالية .

لكن كل الشركات تمر بفترة ركود.

أعلم هذا.

ولست أظننا نفقد عقداً بسبب حارس متعجرف.

أعرف هذا أيضاً , لكنه لا يعرف أي من ذاك ولو أصر على موقفه لأسقط في يدي ولذهبت صاغراً إلى حيث أرادني الذهاب ليستقبلتي من هم على شاكلته.

تبسم فأكملت:"مديري (بعد جبدي*) ,أعظم الناس شأناً وأسعهم صلاحيةً , أكثرهم للمسؤوليات حملاً وللتبعات تحملاً. أما الحراس هؤلاء القابعين في صناديق خشبية فهم أكثرهم شغفاً بالصلاحيات وأكثرهم جزعاً من المسؤوليات."

===================

بعد جبدي : وهي لفظة تحبب عند اهل الخليج على وزن فديتك, و تلحق بعد بما شئت أن تفدي الرجل به فمن الناس من يقول : بعد هلي , و بعد طوايفي أو بعد كبدي وأقربها لي بعد خشمي

0 Comments:

Post a Comment

<< Home


>