من المقدمة، اخترت لك
الفصل الثالث و العشرون: في أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده
و السبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لها اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب و تشبهت به و ذلك هو الاقتداء أو لما تراه و الله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية و لا قوة بأس لم إنما هو بما انتحلته من العوائد و المذاهب تغالط أيضاً بذلك عن الغلب و هذا راجع للأول و لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه و مركبه و سلاحه في اتخاذها و أشكالها بل و في سائر أحواله و انظر ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائماً و ما ذلك إلا لاعتقادهم الكمال فيهم و انظر إلى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية و جند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى و لها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و الاقتداء حظ كبير كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم و شاراتهم و الكثير من عوائدهم و أحوالهم حتى في رسم التماثيل في الجدان و المصانع و البيوت حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء و الأمر لله. و تأمل في هذا سر قولهم العامة على دين الملك فإنه من بابه إذ الملك غالب لمن تحت يده و الرعية مقتدون به لاعتقاد الكمال فيه اعتقاد الأبناء بآبائهم و المتعلمين بمعلميهم و الله العليم الحكيم و به سبحانه و تعالى التوفيق
==================
إلى هنا انتهى كلام المؤلف -رحمه الله- واترك لكم أحبتي قياس الفصل بالحال.
2 Comments:
مغلوبون نحن ؟؟
نعم -والغالب يحاكى بكل الطرق ولكن لمن يظن بنفسه الكمال
ام من تمسك بما لديه
فذلك من رحم ربك واشير له بالتخلف عن الركب
By Anonymous, at 9:27 AM
ابن خلدون العظيم ومقدّمته ... للأسف جيلنا وهذه الأجيال الجديدة لا تعرف شيئأ عن عبقرية هذا الرجل
لطالما كنت أستغرب من الأصوات التي تنادي هنا و هناك بأن تقليد الشباب المسلم للغرب في طرق الملبس و المأكل و أسلوب الحياة الغربية بشكل عام إنما هو نتيجة تدبير و مؤامرة من هذا الغرب لإفساد شبابنا و تدمير مستقبل الأمة المسلمة و..و..و....
ودائما ما كنت أتساءل في نفسي ألم يقرأ هؤلاء المقدمّة؟؟!!!
شكرا على هذه التدوينة الجميلة
By Anonymous, at 4:50 AM
Post a Comment
<< Home