عالماشي

Wednesday, May 31, 2006

بـــوشــكـــيـــن

نشأ في أسرة من النبلاء كانت تعيش حياة الترف واللهو، تاركة ً أمر الاعتناء به إلى الخدم والمربين الذين كانوا عرضة للتغيير دائمًا، إلى جانب عدم إتقانهم الغة الروسية إتقانًا تامًّا، و انصب تعليم الصبي بوشكين بالفرنسية ,لأنها كانت اللغة المحببة لعلية القوم آنذاك تماماً كما هي الإنجليزية للآباء الأرستقراطيين الآن.

أولي أمر تربيته أخيراً إلى امرأة روسية اسمها آرينا روديونوفنا. لم تحفل بهذا المسخ الفرنـ(رو)سي, أخذت تزيل شوائب الفرنسية وما علق به من آداب لا تمت لروسيا بصلة شيئاً فشيئاً. أثارت صلته ببني جلدته فانكب على قصص و فلكلور قومه, صارت تحدثه عن الشعب و همومه, ربطته بالأرض فبعثت روحه الروسية أيما بعث؟ هل علمت أرينا حينها أنها أُطلقت العنان لأعظم شاعر عرفته روسيا؟ لقد توج بوشكين أميراً للشعراء فهو عند الروس كامرؤ القيس عند العرب و تغنى بأبياته الركبان حتى أن القيصر نفسه هابه لأن بوشكين حكم قلوب الشعب لا ممتلكاتهم.

أتدرون لماذا أعزائي؟ لأن المبدع يتصرف في القلوب تصرف السحاب مع الجنوب. ولم ولن يكون الإبداع يوماً بلسان لا تئن النفس به ساعة الكرب. فانظر إلى نفسك واحتكم إليها, بلسان أي قوم تتكلم إن وقع ضر أو سوء؟ ذاك لسان أنت مبدع به.

فيا معاشر الأرستقراطيين, كم من مبدع طمستم في أحضان الخادمات؟ كم من كنز دفنتم؟ لا لشيء سوى أن تفخروا ببغاوات تهذر بما لا تعقل.

معاشر الأرستقراطيين.. أما لنا في طاغور, وتولوستوي عبرة؟ ألا نعتبر من فيكتور هيجو و تشارلز ديكنز و غابريل غارسيا ماركيز و نجيب محفوظ؟ كل من هؤلاء نادى على الأدب بلسانه, فلبى الأدب مقبلاً ومن وراءه البشرية مخلدةً ما كتبوا. إنهم صفوة رفعوا من لغاتهم فأبت لغاتهم إلا أن ترفعهم و تخلد ذكرهم.. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

محبكم,

برجوازي

Tuesday, May 30, 2006

حيرة كاتب

, لا أريد جلب الإنتباه أو شيء من هذا القبيل والله أعلم بالنفوس وما حوت والقلوب وما نوت. هي حالة أشبه بحمى موسمية تنتابني بين الحين والآخر.. يقول البعض أني بحاجة للتوقف, (لا والله) والبعض يقول أني فقدت الوحي وما أكتب صار إسفافاً و لعمري , هل قرأ من قال بذا ما يقيء الكثير في مدوناتهم؟

أنت تطيل, و البعض يقول أن ما أكتب معقد والناس على الشبكة المعلوماتية " مو فاضية" هل يرتقي الكاتب بالذوق العام أم يهبط لمستواه؟ أسئلة كثيرة و (معقد نفسي وهي بسيطة)

إني اسئلكم سؤال ذي القرنين لمن أراد ردماً بين سدين, أنا بحاجة لأن أجيب نفسي :
لم و لمن أكتب؟


Sunday, May 28, 2006

Health Update

Friday, May 26, 2006

صلاحية و مسؤولية

هم في كل مكان, مصيبتهم أنهم يحملون غضباً وشعوراً مستعراً بعدم الرضى من وظائفهم, الكل يهمشهم ولا يلقي لهم بالاً. أنهم أهل الوظائف البسيطة كحراس بوابات الشركات أو موظفي إدارة حكومية قد لا تضطر إليها في حياتك سوى مرة. وما أن تضطر إليهم إلا و هم يطيشون فرحاً بداخلهم لأنك أنت تمثل المجتمع الذي أهملهم, المجتمع الذي يحـتـقـر وظائفهم ويعدها ضرباً من ضروب الإحسان. هي فرصة ليثبتوا لأنفسهم قبل غيرهم أنهم ضروريون, هم أكبر مما تزدريه أعينكم, نعم ض..ر..و..ر..يــــون! هم حراس النظام.

ها؟ تتصور أن يرحمك؟ هيهات.. أكنت تذكره آنذاك؟ إنها السلطة يتذوقها ويستشف ملامحها " آسف" فقد يطلب منك الترجل من سيارتك أو يخبرك بشروط تعجيزية لإتمام معاملتك.. قد تخبره ببعد الشقة أو تبدو دهشاً , نعم إنها السلطة, إن بيده أن يسهل أمورك أو يشقها عليك ما أجمل هذا الشعور " ليته أكمل تعليمه " عله صار وزيراً تخضع أعناق الرجال له , أو جنرالاً تتراعد فرائص الجنود لذكر إسمه.

لا لا, أنا آسف لكن القانون.. ثم يسهب شارحا في صلف و زهو. كأنه يقول: انظر لدي حافظةً قويةً وقدرة استيعاب هائلة, و أنا أسخر من ذا كله لأنها لوائح و قوانين سننتموها أنتم ولا تستطيعون خرقها متى راق لكم ذاك لذا "أنا" نعم أنا حارس النظام. فإما أن تتملقه حتى تلين عريكته, ثم تشكره على واجبه المفروض عليه المدفوع ثمنه كأنه تبرع لك بكليته أو تري الجنرال الجانب المستور من السلطة و الوجه الآخر لعملتها.


وقد ابتلانا الله بمتعجرف من هؤلاء فلما نفد صبري لأنه للمرة الرابعة يسألني النزول معللاً: وما يدريني؟ إنه الأمن عزيزي..

يا رجل, أنتم تصنعون مولدات طاقة عن أية أمن تتحدث؟ أمستهدفون أنتم؟ أم تظنني أسرق واحداً على عاتقي؟

أين شهادة ميلاد جدتك؟ نعم والله لا يحضرني ما سأل عنه إلا أنني فغرت فاي لغرابة الطلب و وبداخلي صوت يأن :"ليه؟"

أخذت أحملق في إسمه فسألني متعالياً : ما الذي تنظر إليه؟

إسمك لأني أريد ذكره لنائب المدير العام إن هو تسائل لم خسرت شركته عقداً بملايين الدولارات, كانت تعول عليه لتنقذ نفسها من ورطة مالية. أتصور حينها أنهم لن يجدوا أي داعي سوى تكريمك. ثم هممت بالإنصرف.فإذ به يغير من طريقة كلامه متلعثماً.

يا صاح أقبل .. أنا , سوف أتغاضى هذه المرة عن إحضار باقي أوراق الإثباتات و أنا بذا أعرض نفسي للمسائلة.. لكن إياك أن تنسى في المرة القادمة.

تبسمت, نعم.. أليست كل مرة هي "هذه المرة" آه, إنه يتذوق الجانب المرّ من السلطة , المسؤولية وتحمل التبعات. رفع الحاجز وتركنا نمضي و شأننا.


نظر إلي مديري البريطاني : ما الذي قلت له حتى دعانا نمر بسلام دون أن يرسلنا هنا وهناك كالمعتاد؟

أخبرته أن شركته قد تفقد العقد, وهم على إثر ضائقة مالية .

لكن كل الشركات تمر بفترة ركود.

أعلم هذا.

ولست أظننا نفقد عقداً بسبب حارس متعجرف.

أعرف هذا أيضاً , لكنه لا يعرف أي من ذاك ولو أصر على موقفه لأسقط في يدي ولذهبت صاغراً إلى حيث أرادني الذهاب ليستقبلتي من هم على شاكلته.

تبسم فأكملت:"مديري (بعد جبدي*) ,أعظم الناس شأناً وأسعهم صلاحيةً , أكثرهم للمسؤوليات حملاً وللتبعات تحملاً. أما الحراس هؤلاء القابعين في صناديق خشبية فهم أكثرهم شغفاً بالصلاحيات وأكثرهم جزعاً من المسؤوليات."

===================

بعد جبدي : وهي لفظة تحبب عند اهل الخليج على وزن فديتك, و تلحق بعد بما شئت أن تفدي الرجل به فمن الناس من يقول : بعد هلي , و بعد طوايفي أو بعد كبدي وأقربها لي بعد خشمي

Tuesday, May 23, 2006

إما مرضى أو أطفال

أن يمنع المرء أذاه فهذا واجب عليه, لكن كيف السبيل للصبر على أذى الناس ؟ و هل يمر يوم إلى وقد تسمع كذباً أو غباءً و تحشي رأسك هراءً؟ أيمر يوم دون فعل تستهجنه أو سلوك تضيق ذرعاً به؟ هل يُرد الصاع صاعين و يُعمل بقول الشاعر:

أَلا لا يَجهَلَن أَحَدٌ عَلَينا *** فَنَجهَلَ فَوقَ جَهلِ الجاهِلينا

أليست قلة الأدب مع قليل أدب ,أدب؟ وما أن تهم بذا المبدأ حتى تعود إلى نفسك, أما يكفي أن يعكر هذا المخلوق عليك دنياك حتى يسلبك حسناتك فيفسد عليك آخرتك؟ تلزم الصبر حينها والإحتساب هذا إن سلمك الله من الذهاب إلى السوق , وما أدراك ما السوق ؟ غش وفحش و دحك و حب! و بعد يوم طويل حار رطب منقوش بسخافات تحدث لك أثناء العمل, مزركش بكلمات تجاهد نفسك لتنساها تفر إلى بيتك فتغلق بابك وتعزم أمرك وتجمع حزمك أن تشتري مؤونة سنة و "بلا طلعة وكلام فاضي" وبارك الله في العزلة! ومنهج الشاعر القائل

عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذا عَوى **** وَصَوَّتَ إِنسانٌ فَكِدتُ أَطيرُ

احسن من منهج من تقدم. ثم يبدر من أهل بيتك فعل بسيط, فـتـثـور ثائرتك و يزداد حنقك لتنفجر غضباً. كيف لا ؟ الكرامة انجرحت, و الكبرياء انخدش, الكل يتآمر ليرفع ضغطك : المدير بطلباته التي تفوق طلبات إمبراطور الصين, الفرّاش بغباءه المصطنع للهروب مما يكلف به , البائع السمج الحالف أغلظ الأيمان أن البضاعة هي "آخر حبة" و ما أكثر حبيباته في الخفاء! الشاب السخيف عند الإشارات (هذه للبنات) فتصرخ "ألف مرة أقول لكم ما احب الطماط مع التونة! " أنت تدري بداخلك أن الطماط بريء "الطماط يعور القلب ماله شغل".. لكنها القشة تقصم ظهر البعير و سرعان ما تندم, لأن هؤلاء الأحباب أجدر بالصبر من الأغراب. سئمت وفاض الكيل بل طفح..حتى قرأت مقولة لدويستفسكي على لسان قس في رائعته (الأخوة كرامازوف) :" عامل الناس على أنهم أحد اثنين إما مرضى أو أطفال." استوقفتني هذه المقولة فقلبت النظر فيها,قررت إنزالها بمن عرفت فكم هان علي ما فعلوه أو قالوه.

هل تغضب من طفل لا زال يجهل للكلمات انـتـقاءً ولا يدري إن كان يقول الصدق أم لا ؟ هل تجادله فتقول هذا كذب , هذا مستحيل ؟ أم تبتسم سائلاً إياه : قول والله؟ أتأبه لأفعال تصدر مريض خلط فما عاد يعرف الحق من باطل ولا يكاد يميز أو يبين؟ أم تسكت وتسأل الله العافية ؟ أصبح أذاهم كوقع الذباب بل هو أهون ما عدت اعبأ بما يقولون أو أكترث بما يفعلون.

مع تحيات,

طفل مريض.

Sunday, May 21, 2006

محليات: مواطن يموت جوعاً

كان هذا ما سيقرأ الناس صبيحة اليوم لولا لطف الله ومنه. وإليكم ما جرى, رجعت من العمل, تصهرني الشمس و لا يزال صراخ مديري يرن في أذني. أخذني الجوع فصحت بالخادمة : علي بالطعام! ذهبت لبعض شأني ثم عدت وإذ بالمفاجأة!

سحقاً ألم تسمعي؟ أم تتجاهلين أمري..! زمجرت وأنا انطلق إلى المطبخ لا ألوي على شيء ,إذ بالمطبخ مغلق وعلى الباب لصق مرسوم كتب عليه :

" لعدم توافر الشروط الصحية ما في طباخ ولا أكل" مع تحيات, شباب يهمهم أمرك!"

هممت بأمر سوء أن أفتح الباب واقطع الملصق أجزاءً لأنال حاجتي من الطعام. وإذ بالخادمة تصيح " نهي"! -كلا البتة بالهندية-

نظرت إليها شزراً .. ولم لا ؟

بعدين إنتي يدفع فلوس واجد.

ثم أوضحت لي سوء العاقبة والمنقلب إن أنا فتحت الباب على مصرعيه. فاستدعيت الطباخ الذي كان جزعاً فأخبرني أن بضعة مفتشين دوليين قاموا بالبحث في جميع منشأتنا المطبخية, وأبدى المفتشون- حفظهم الله- ارتياحاً من التعاون من قبل طباخنا – غربله الله- و تم رفع مذكرة إلى وكالة الأكل الدولية و توصية بإغلاق مطبخنا لشهر أو ريثما "انتسنع" حوقلت ,وبالله استعنت, وعليه توكلت. أخذ بطني يقرقر وألم بي ضعفُ شديد حتى انتهيت إلى معصرة الحي وإذ بها مغلقة وعليها نفس الملصق المشؤوم.. تباً لك يا "راجو" كم نصحك الشباب أن تحافظ على النظافة. وإذ براجو ينظر إلي من بعيد ويستغيث ويبكي " راهد باي ساب" وفي الهندية معناها – رائد أيها الجواد الصنديد - فقلت ما الخطب؟ أتدري؟ إلي بسندويش دجاج ثم قل لي من الخطب.. سكر , سكر. وهو يلطم ويحثو التراب على نفسه.

ولم أغلق محلك؟ أنت تدري أن المفتشين الدوليين لا يتقاضون مُكافَأَةً لكل محل يغلقونه بل في صمت ودأب يعملون , فلو رأيتهم عزيزي القاريء و لسان حالهم (لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا).. أكيد أصيب أحدهم بتسمم من جراء عدم مراعاتك..

أشاح بيده لا لا لا.. ثم جاء بأعذار واهية وحجج سخيفة ما كنت أحسبني أوصد باباً لأجلها. دعني من التشعب الآن, فالقصة أوشكت على الإنتهاء, اسندت ظهري لزاوية المسجد ,الذي حمدت الله أنه لم يقدم وجبات إفطار في غير رمضان وإلا أغلق هو الآخر, وإذ بصبيان الحي يرشقونني بالحصى ظناً منهم أني مجنون الحي وأنا افتح فاي ظناً مني أنه فستق ! لكن الفرج بعد الشدة, فقد أرسل الجيران طعاماً لأنهم أيقنوا أن مطبخهم مستهدف في الحملة القادمة و

الناس للناس من بدو وحاضرة*** بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ

لكن يبقى سؤال :

خادمتنا تسأل : ليس؟

طباخنا يسأل : ليس؟

راجو – يبكي حرقة- وهو يدير يده : ليس؟

وأنا أضم صوتي لأصواتهم و أَسأل: هذا الغياب لعقد من الزمن حتى سمعنا بأسطورة من باعنا الجت على أنه فلافل سنينا طوال, حسناً يفعل الشباب حين يبدون الشدة لكن.. إما أن نأكل الجت حتى نألفه أو نموت جوعاً لكثر ما أغلق من المطاعم؟!

ملاحظة : جيراننا استغربوا أن يقام فتح المطبخ بعد يومين و توافقنا وشروط الصحة في فترة قياسية لكن كل ما فعلناه هو أننا قمنا بتعديل الأدراج وتغيير المصابيح!

Friday, May 19, 2006

حبـــــيـــبــي الــــكـافـــر

نعم أنت كافر, لا تقلق فإعطائك هذا اللقب لا يعني السخرية منك فأنت تكفر بما أنزل على محمد- عليه الصلاة والسلام – وإلا كنت مسلماً فأين الخطأ بإعطائك هذا اللقب؟ ثم , أنا كافر حسب معتقداتك إذ لا أؤمن بفهمك لخالقي وخالقك. وكما قال الحكيم الهندي , سائق بيت جدي :" أقر –يعني إذاً- سنو مسكل؟"

آه, فهمت أنت قلق إزاء ما يترتب على نعتك بالكافر؟ لا ضير سأوضح الموضوع بشيء من اليسر, لنأخذ أقل حقوقي كقولي :"السلام عليكم و رحمة الله و بركاته" لبني ملتي و قولي أهلا لك.. ما ضرك هذا ؟ هل جرح مشاعرك؟ طيب اسلم , و (والله) أقبلك بين عينيك و أسلم عليك و أدلعك كما تشاء! أما عن الجزية فلا داعي للقلق فما تدفع من ضريبة لحكومتك يفوق كثيراً ما كنت ستدفع من نزر بسيط تدفعه على أية حال بصورة شكلية أخرى كرسوم إقامة وما شابه.

أنت تتشدق علي بأنك سمحت للمساجد أن تبنى في أرضك. طيب جميل.. شكراً جزيلاً (فديت خشمك, وما قصرت) أنت تحتكم في هذا إلى شرعتك التي تقضي بأن جميع الأديان لها الحق في ممارسة بنيان معابدها, أما أنا فلدي نص في ديني يمنعني من ذلك! آسف لكن هذا هو الواقع. و العدالة تكمن في أنك حكمت دينك و حكمت ديني, فلو قضى شرعك بأن لا مساجد لما طالبت بها في بيتك, هذه قلة أدب "و يا غريب كن أديب" أحسبك تقول كتابي يثير العداء؟ اتفق معك أن أنت أقررت بأنك قليل العقل. لأن العقائد تناقش بين دفتيه نقاشاً علمياً يحتكم فيه إلى العقل فالعداء إنما استثاره في نفسك ضعف حجتك وهشاشة فهمك.

ارعني سمعك يا هذا واصغ إلي, لن استبيح دمك ولن أهتك عرضك, لن أقتل أولادك أو أسلب أرضك و أخرب دارك..كلا لن أفعل شيئاً من ذاك لكن, إياك إياك أن تسألني أن ألتقي وإياك في نقطة يضيع معها إيماني وثوابت ديني إلى درجة الرمادية فلا أعلم ما أنا أو ما أنت بإسم التسامح و تقريب الملامح.

أنا هنا في معسكر لا إله إلا الله محمد رسول الله ( عليه الصلاة و السلام) فإن أردت أن تنصب خيامك في هذا الحمى فأهلاً وسهلاً بك أخاً و إلا لا تطلب مني أن أشد الرحال و أترك الرياض إلى صحراء تبجلها سماحتك و قداستك لا لخضرتها ولا لعذب ماءها لا لشيء سوى أنها أجمل ما عثرت عليه في تعثرك الإيماني. ألا بلغ عني أن لا ثلاثة, ولا ولد أو زوجة ولا أبناء أحباء بل هو الله الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

وسلامُ على من اتبع الهدى

جنغر ونهار الجمعة


لا أزال يقظاً والساعة تشير إلى العاشرة صباحاً.. بيدي كتاب روسي ,لاح لي وميض من طفولتي "مسلسل رسوم متحركة" هل تذكرون " جنغر " معاشر القراء ؟ و جنغر لمن لا يعرفه رجل آلي شديد البأس, عادل, وقاف على الخير من أهل الصلاح.. عرف بقيام الليل ونصرة الضعفاء وله من الكرامات الشيء الكثير حتى تواترت الأخبار بطيرانه و أنه قوى أهل زمانه, بحثت عن أغنية المقدمة لكي "أعيش الجو " وفعلاً حصلت عليها.

لكن ومع تعقيدات الحياة تفكرت في كلمات الأغنية :

" اهجم اهجم لا تن, نحن معك معك أجمعين.. حطم الأشرار, ساند الأحرار جنغر جنغر البطل الجبار"


ترى لو ذهب جنغر إلى العراق, من كان سيعد أحراراً ومن كان سيعد أشرارا؟

للإستماع إلى الأغنية




على الهامش : أبــــــــــــــــــــــوك يا جنغر

أبوك يا فلان : لفظة استحسان شبابية عامية , كقولهم ألا لله درك جنغر - بضم الجيم و كسر الراء

Monday, May 15, 2006

الحياة

سألتني ذات يوم أن أمثل لها الناس و الحياة.


فقلت: حباً و كرامة.

"ما الحياة إلا مدينة شوارعها متشعبة متباعدة, مكتظة, شديدة الزحام و كلٌ منا يقود سيارته لوجهة. فمن الناس من يسرع ومنهم من يبطأ, منهم من يستعين بالإرشادات والخرائط ومنهم من لا يحتاج لشيء من ذا فهو على تمام العلم بالمكان الذي ينتهي إليه دربه. سترين أقواماً في سيارات فارهة , قد قسم الله لهم من الرزق الكثير, و سترين أناساً يقودون سيارات مهترئة ولا يملكون سوى نزراً يسير فلا يعنيك هذا , إياك إياك أن تغـفـلي عن الوجهة فتكوني كمن يمضي عمره بالشوارع متسكعاً بلا هدف ولا غاية.

هل ستؤذين أناساً ؟ أحسبك فاعلة ً ذاك كما سيفعلون والحوادث في الطرق شر لا بد منه لكن من الحوادث ما يفقد المرء حياته ومنها ما يخدش الطلاء. ستحملين ذكراها أبداً ما بقيت, ستذكرين كلما نظرت إلى سيارتك, عزائك أنك لا زلت تمضين إلى هدفك. لا تغتري بقدم عربتك وخبرتك فقد يوجد من هو أجدد منها إلا أنها مشت في عرصات الحياة أكثر مما مشيت.. أكرر : لا تغفلي عن الوجهة.

ستبدو لك بعض العربات مألوفة فأنتن تمشين نفس الدروب سوى أنكن تبقين غريبات عن بعضكن البعض وذاك حالك و كثير ممن ترين في المدرسة أو العمل فأنتي تعلمين من هم إلا أنك لا تعرفينهم. قد تتقاطع طرقك و طرق أقوام تألفينهم ويألفونك ثم لا تلبث الدنيا أن ترمي بك شرقاً وبهم غرباً.. سيؤلمك الفراق لكن إياك.. إياك أن يشغلك الألم عن وجهتك فالوقود لا يكفي و العمر يجري.

قد تقلين شريكا لك ترتضينه و يرضاك و كفى به ضياعاً إن لم تتفقا على وجهة جديدة تسعد كل منكما. سترزقين أبناءً يشترون سياراتهم, على رسلك.. على رسلك فلن ينفعك القلق شيئاً. أحسني تعليمهم قيادة السيارة وثقي بهم (فلكل وجهة هو موليها)

مه؟ أينني من ذاك كله؟

أنا امرؤ وقف بنصف الطريق,فقايض عربته بعصا وركوة ماء, وصاح : إلى الصحراء إلى الصحراء."

Sunday, May 14, 2006

في قَدَحي أمل..


كانت الفكرة تساورني فأتردد في صياغتها كي لا أرمى بالجنون أو تذهب بكم الظنون أن بي مس أو مرض نفسي (ذو إسم طويل على وزن كلمة تشيكسلوفاكيا) حتى سألتني ابنة خالتي الصغيرة :

خالي رائد لم لا تكمل قهوتك ؟

آه القهوة! نسيت أمرها.

وفي الحقيقة أني لم أنس أمرها للحظة واحدة كل ما في الأمر أني أبقي شيئاً من سؤر* أي مشروب ساخن كالقهوة أو الشاي ونفسي تهمس :

لا زال في العمر بقية كما في الفنجان بقية..

لا زال هناك فسحة ,

لا زال هناك بقية أتلذذ بها وأعود إليها.

كأني بكم تعجبون! ففيم العجب؟ تقولون : غريب الأطوار ؟ دعوني أعترض فأنا أسقي الروح بما تبقى في الكوب بعد أن سقيت الجسد. فهل أمارس الشعوذة أو أتطير؟ أحسبني لا أفعل. هل بعقيدتي خلل؟ لا, فإن سألني امرؤ أين الله؟ أشرت بإصبعي إلى أعلى وحسبي بجواب زكاه أحمد –عليه الصلاة والسلام- كل ما في الأمر أني أمّني نفسي بالأمل وأتعلق به حتى إن تمثل بسؤر ولسان الحال :

أعلل النفس بالآمال أرقبها ***** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

=======

* السُّؤْرُ : بقيَّةُ الشْيْءِ

Saturday, May 13, 2006

مرحاً للقراءة

فرغت قبيل أيام من كتاب ذو منفعة وقد عرضت صورته مذ زمن ليس ببعيد في هذه المدونة وهو بعنوان :

Misquoting Jesus by Bart D.Ehrman

و فيه يتحدث المؤلف عن التغيير الذي لحق بالإنجيل بطريقة علمية موضوعية فكم حاز إعجابي طرحه الهاديء و ترتيب أفكاره. آليت على نفسي أن أشكر الرجل وفعلت برسالة بعد أن عثرت على بريده الإلكتروني, ولشدة دهشتي فقد أجابني الرجل بعد عدة أيام. وإليكم نص الرسالة :

Raed,

Thanks for your note. I think your new perspective is a good one! I’m glad you enjoyed the book. All best wishes,

-- Bart Ehrman


تملكني شعورغريب يصحبه فرح أطفال ساذج. "هذا هو الرجل الذي أطلعني على علمه, وأنفذني إلى فكره." طبعت الرسالة وألصقتها بظهر الكتاب. و رحت أحدث الناس فرحاً , منهم من فرح أن يتواصل كاتب وقراءه ومنهم من فرح لفرحي و البعض لم يكترث للأمر وكأنه شيء جد عادي.

لا ضير فإني لا أزال فرحاً..

Thursday, May 11, 2006

لقد مات..

هكذا أجاب ابن عمٍ لي حين استفسرت عن حالة والد عمرو ( الرجل الذي باعني السيارة). لم أشعر بالحزن حقيقيةً لكني ندمت أني سوّفت وأجلت اتصالي للإستعلام عن حالة أبيه فكم تذكرت بل وتخيلت مدى سعادة أن يتصل رجل به فلا يريد منه بيانات الموديل الفلاني ولا تأجيل القسط العلاني بل يسأل عن والده, فأيقنت بأنه سيفرح. فهل فعلت؟ لا والله لغباء وكسل أعيذ القراء أن يلتقطوا عدواه من حروفي.

توجهت لفوري إلى المعرض جلست معه فتهلل وجهه أني أتيت أعزي عمرو الإنسان لا البائع. ولعمري قد كان ليزداد فرحاً لو أني .., سأوصد باب الشيطان فما قدر الله شاء.


ما الذي أصبو إليه؟ أن أمتعكم معاشر القراء؟ لا , على الأقل ليست هذه هي المرة.. ليرفع من يقرأ هذه الأسطر سماعة هاتفه وليخابر من حالت الدنيا بينه و إياه.


اتصل, ولا تؤجل فأنت لا تدري ما يخبأه القدر.. هي دقائق سترسم بسمة على محياه و سيذكرك بعدها لساعات. فأي ربح هذا؟

اتصل وقل " سقى الله أيامنا, قل وحشتني يا وحش, قل أي شيء ..

اتصل و خلها مكالمة من إنسان لإنسان

Monday, May 08, 2006

ليلى و مسألة أسبوع

لملم الأهل أغراضهم لرحلة أقسم السياسون أغلظ الأيمان أنها لن تدوم سوى أسبوع أو أقل. تركت الأم أوانيها, وترك الأبناء ألعابهم.. و تركوا في ليلة دهماء ظلماء ليلى ورائهم فقد زفت قبيل شهر إلى قفصها الذهبي. تجلدت الأم لفراق ابنتها ,التي كثيرا ما كانت أختاً صغرى لها,

بكت ليلى

وارتجفت "يمّا .. يمّا "

"شش.. هوني عليك بنية يقول أبوك أن الأمر لن يطول أكثر من أسبوع."

أكيد, أنا سمعت بالمذياع من يؤكد هذا, كل شيء سيكون على ما يرام. هكذا قال عمّار ليطمئن زوجته.

احتضنت أمها بقوة وتشبثت بها حتى إن همس بها زوجها أن كفى قالت " بس شوي.." تستزيد من حنان أمها لسبعة أيام طوال تمر دهراً أبداً. نزعها زوجها من أحضان أمها "يكفي.. " حنقت وغضبت وهي تنظر إليه لأنه حرمها من دقائق تمضيها مدللة في أحضان أمها لكنها وقفت بجانبه. ما هذا الحد؟ إن شيئاً يفصل بينهم الآن و هم في غرفة واحدة, كأن جداراً قد ضرب بيـن من شاء البقاء ومن آثر الذهاب والعودة بعد حين.

دخل الأب و نظر إلى زوجته معاتباً " هيا فالأطفال ينتظرون" رافقت ليلى أبويها إلى الخارج, ودعت كل من أحمد ويوسف ..

أسبوع و تعودون لا تنسوا أن تجلبوا لي الهدايا, أفهمتم؟

هز كل من الأخوين رأسيهما و تبسما.

و زهرة آه لزهرة تلك الطفلة النائمة في دعة وسلام. قبلتها ونظرت لأمها وقد أغرورق الدمع وانسكب.

عمّار أمتأكد أنت؟

لا لن أترك الأرض ثم أنه مجرد أسبوع يا عم, ويعود كل شيء كما كان.

وانطلقت قافلة من" قضا الخليل" يمشون في صمت محزن. صمت من لم يرد أن تعلم الأرض أن أهلها يفارقونها مجبورين فهم يدبون على الأرض دبيب حذر يخشى أن يوقظ نائماً بها. أما أشجار الزيتون فبدت حزينة عاجزة عن البكاء فكأنما انتصبت إجلالاً لمن اعتنى بها مشيعة آسفة ً لفراقه. حتى القمر استحى أن ينظر فأشاح بوجهه, والريح تمر بين الأغصان فترسل حفيفاً حزينا موجعاً. وإذ ب"بيت جبرين" يلوح من بعيد بكت أم أحمد جزعا أرادت أن ترجع أدراجها, فليفعل اليهود ما شاء لهم أن يفعلوا لكن لتبقى مع صغيرتها مرةً أخرى. قبض أبو أحمد على معصمها.. وقال في حزم من لا يعرف التردد "هيا.."

نزحوا إلى ما وراء النهر, ومضت أيام حتى جاء اليوم الثامن فتهلل وجه أم أحمد, اليوم يلتئم الشمل , اليوم ينتهي هذا الكابوس, آه كم اشتاقت لفتاتها, لملمت أغراض العائلة وذهبت إلى حيث جلس الأب " ألا زلت جالساً ؟هيا..هيا إلى خليلنا إلى أرضنا و زيتوننا هيا إلى ليلى فقد وعدناها" صمت أبو أحمد وقال منكسراً : "احسبنا جلوساً هنا لفترة.." تهاوى ما بقي من أغراض في يدها و تبعت هي الأغراض سقوطاً إلى الأرض.. بكت و أنت واشتكت.

نعم, فقد دامت هذه الفترة أربعين سنة تزوج فيها أحمد و يوسف و زهرة, وماتت الأم, كل هذا و ليلى تتخيل تلك المشاهد دون حضورها. مرض عمار فلم تقدر ليلى على السفر , كبر الأبناء ولم يربط العائلة المشتتة سوى مكالمات يعرف بها من ولد و من مات. و بعد أربعين سنة وقفت عجوز على بابٍ في إحدى المخيمات في مملكة الأردن, يصحبها كهلان هما أبناء الحاج أبو أحمد. وضعت يدها على فمها تخفي آه تزفرها, تمسح دموعاً تذرفها حين رأت زهرة , امرأة في الأربعين.. هذه الطفلة التي حملتها بيدها, تعانقتا أحست ليلى برجفة حين قالت زهرة : "ما أشبهك بها, لقد ماتت وهي تلهج بذكرك" ولم تستطع حفظ أسماء الفتيان أو الفتيات التي تلاها أحمد ليعرفهم بعضهم ببعض. رباه إنها لا تعرف شيئاً عنهم سوى أسمائهم لقد غدوا إلى الأبد غرباء. لكنها تبعت أحمد إلى حيث أشار :

ولجت إلى الغرفة , هناك كان يرقد أبو أحمد مسنداً ظهره وما أن رأها حتى امتدت يداه ترتعشان نحوها, شيخ محطم كالأثاث البالي الذي زين غرفته. هوت العجوز تقبل يد أبيها و تلثمها, و عينيه تهميان أخذت تقبل يده بسرعة فما عادت تركن إلى الدهر, من يضمن لها أن يرزأها الدهر مرةً أخرى فيحرمها عائلتها؟ هل يضمن أهل القرار ذاك كما ضمنوا أسبوعهم؟ . لم تبال بالقوم من حولها, نست أنها جدة لها وقارها. ينتظرها أحفادها, نست أن لها زوجاً كسيحاً لا يستطيع أن يقطع الأيام إلى قبره دونها نست كل ذاك و طرحته بعيداً عنها لتغدو ليلى مرةً أخرى فتاة القضا المدللة إنها لا تبكي دمية اليوم, بل وطناً مغصوباً وشعباً مشتتا. " يابا ..قلت .." انتحبت "أسبوع... أسبوع" جهشت "كلهم قالوا أسبوع..ليش ما رجعتوا؟ " , طأطئ رأسه خجلاً ولم يزد عن قوله (سامحيني, سامحيني )


وليسامحني القراء, فلست أدري إن كان هذا الشيخ الطاعن في السن يعتذر لإبنته المغتربة في وطنها, أو زوجته المستوطنة قبرها أو ربما يعتذر إلى أرضه المغتصبة.

بهذا حدثني ابن من أبناء أحمد.

Saturday, May 06, 2006

مهضومة .. ولكن!

أرجوك أجيبيني :

هل أنت فارغة إلى هذا الحد ؟ هل رأسك خاو على عروشه إلى درجة البله والبلادة؟ أحقاً ما أراه؟ يخيل إلي أنك تعنين بالمظهر و المظاهر إلى صورة تبعث التقزز في كل ما هو إنساني بنفسي. لا تهمك الوسيلة, فأنتي تريدين لبس الشهرة والثراء وإن كان على حساب نزع ثيابك. تظهرين بصورة المثيرة ثم تدعين البراءة والطفولة! أذئب في صورة شاة؟

لا تغضبي, فأنتي تشبهين المئات ممن يشاطرونك نفس الميول و خسة الطموح ولا أميز بينكن. يعلل عقلي , و استبيح القراء سذاجته, أنكن من بطن واحد..يا للسخف هل حقاً قلت هذا؟ لا.. عنيت أنكن ذهبتن إلى نفس عيادة ,التمثيل (التشويه) لا التجميل , فنحت الطبيب مرةً تلو الأخرى نفس معايير الجمال لديه على صفحات وجوهكن. أكاد أجزم أحياناً أنك مخلوقة من بلاستيك لا من طين. اقبلي عذري يا (صبية) فأنت وردة يشتهيها من لم يعرف القاسم المشترك و الفرق بين الورد الطبيعي و الآخر الصناعي. (يي شو بيكي!) صبراً و هائنذا أعلمك, كلا الوردتان يفسد الدهر ويبلي نضرته, لكن الوردة الطبيعية تجف فتغدو ذات جمال من طراز آخر. أما الصناعية, فيمحي الزمن أثرها وتبدو رثة الهيئة بالية, فلا هي ذات رونق ولا جففت ..مصيرها القمامة والنسيان.

ما يثير عجبي حين أسمعك هو أني أسمع منطق طفلة ساذجة, فأنت تحشين جملك بكلمة فرنسية وأخرى إنجليزية ظناَ منك أن هذا سيلفت الإنتباه و الميزة الوحيدة التي أيقنت حوزتك إياها هو أنك سخيفة بكذا لغة! (إي, والله) لسنا جميعاً أطفالاً نلهث وراء "باربي" افتني ذوي العقول بقوة حجتك, و أهل الحشمة بالأدب و الرصانة.. لسنا ذئاباً, جربي فهناك الملايين منا ولكل ذوق.

همسة : معاشر (المهضومات) هل عممت تعميماً أعمى؟ إجحاف لا إنصاف؟ قد يوجد منكن من تطمح للمعالي, وتتسم بأنوثة فقدتموها أنتن نعم.. نعم, لكن إليكن عني بواهي حججكن وارعنني سمعكن.. هذه الصورة الوحيدة التي قدمتمنها لنا. هذا ما صاغه إعلامكن بأيديكن, بأيدي من (الضيعة) فوا خيبة و ضيعة ! (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم).

(شب مهضوم)

Friday, May 05, 2006

رائـــد, إليك ربي

دعيت ذات يوم إلى عشاء عمل, و صفة العمل ملحوقة بالعشاء لإنها الرابط الذي يجمع المدعويين بعضهم ببعض.. (وما أوهن هذا الرابط), دخلت المطعم وإذ بالقوم أخذوا أماكنهم في مكان مظلم, أوقد الشمع من حوله. ظننته بادىء الأمر مجلساً من مجالس الصوفية أو جلسة تحضير أرواح! ثم تذكرت أنه يعد من "حركات و بركات" بعض الأمم. جلست بجانب أبو نعمان البريطاني , و جلس بجانبه أبو تندور الهندي. تسامر القوم الذين لم يجاوز عددهم العشرة و خاضوا في كل شيء ولا شيء, ولم تبق نكتة سمجة إلا وصبت علي ولا خبر لا فائدة ترجى منه إلا حشيت به أذناي حتى وضع الطعام فحمدت الله : أي نعمة أتقلب فيها؟ إن العولمة تتجلى بوضوح على سفرتنا. فالأطباق هندية الأصل, والدجاج بريطاني , والشوك والملاعق من الصين, والشموع من تايلند أما المستهلك فعربي بطبيعة الحال.ويا ليت الطعام أسكتهم, فلا سخونة تكبتهم ولا حرارة تخرس ألسنتهم. أخذت بطوننا بالإمتلاء وأفواهنا تمضغ ببطء حتى أخذنا نأكل للتسلية فقط دون الجوع. أمسك أبو تندور عن الطعام ليناولني هاتفه المحمول فقال : انظر.

حانت مني إلتفاتة فرأيت حسناء زرقاء! فنظرت إليه مرةً أخرى وعلى وجهي لوحة فنية عنوانها : يا قلة أدبك! وإذ به يقول : رائد( أخذت الدموع تترقرق في عينيه حينها) إليك ربي.

نعم؟

ربي..

يعني خالقك أنت ومن يؤمن به من قومك؟

نعم, كريشنا.

ثم نظرت وفكرت و قدرت : فرأيت شاب أزرق اللون في إزار برتقالي عليه أصباغ شتى! أمات متجمداً ؟ وما شأن الأصباغ؟

ثم سأل: ما رأيك ؟

تلعثمت وبهت بياني فما عدت اعقل شيئاً فكان أول ما حضرني كلمات جدتي لكل من أراها صورة ولده , فقلت لا لا , و كيف لي أن أقول " يحليله ربك!" أحسبني عندئذ استضعفته!

لمحته فإذ به لا زال يحتري إجابة فهمست: سحقاً أين ذهب الكلام؟ "الله يخليلك ربك" كيف؟ سأرمي ربه بالفناء! ومن كتب الموت عليه فليس برب! رددت الهاتف إليه وعلى وجهي إبتسامة بلهاء, وإذ بالملحد أبو نعمان يطلب النظر إلى الرب الذي حوته شاشة هاتف.

صمت أبو نعمان دهراً ونطق كفراً فقال :

كم يبدو جميلاًُ! ,wow

أصابني صداع, حسبت أنها اللقطة المعتادة في كل مسلسل قطري (حين يصاب الرجل الشرير بشلل نصفي ما أن يزبد ويرعد) – يا قوم أليس منكم رجل رشيد؟- تباً لكذا عمل وتباً لكذا عشاء! أفي "غرزة محششين" أوثقت؟ أم بين المجانين سجنت؟ الحمد لله على الطعام.. الحمدلله على صمت أبلغ من الكلام.. الحمدلله على نعمة الإسلام!

مسلم موّحد

Wednesday, May 03, 2006

إلى العاملين بهيئة الأشغال العامة

تحية طيبة, وبعد..

فإنه من لا يشكر الناس لا يشكر الله. ولست بالذي يجحد الفضل وينكر الخير أهله. فشكراً لكم جهودكم التي أرجو من القراء التدبر في الحكمة من ورائها. فقد كثر التذمر عن البطء المقارب للوقوف في أعمال الطرق, لكن ينبغي لنا دوماً انطلاقا ضمن سياسة : (كل واشكر وخذ على قفاك يا مؤمن) النظر إخواني إلى الجانب المشرق والنصف المليء بالماء. لقد أصبح الشعب زاهداً لدنياه مقبلاً على آخرته فقد قرقعت أحدث السيارات تحت الأمواج الأسمنتية وفقدت رونقها وجمالها من جبال التراب والحصى على جوانب كل الطرق فما عاد القوم يغترون بها, فأنعم بها من موعظة بليغة تذكرنا بالمقابر واليوم الآخر.ثم , أيجحد أي من الناس فضل الهيئة في إثراء ثقافة الشعب ؟ كيف لا و قد أقبل الناس على الكتب يتسلون بها أثناء الوقوف على الإشارات. اعرف رجلاً انتهى من قراءة أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي في ثلاث إشارات و من لم يصدق فليغامر ويرمي بنفسه في لجة الزحام.

أيضاً نذكر زيادة الترابط الأخوي بين أفراد الشعب. حدث ذات يوم وأن تلقيت مكالمة من أحد الزملاء بالصف التاني الإبتدائي يسترجع معي شريط الذكريات , كم أثلجت صدري تلكم المكالمة أعزائي المسؤولين فقد أحسست أن البعض يشتاق لي, ولا أدري لم انقطع إرساله و هو يهتف "خضره ,باي"! بربكم أكان يفعل هذا إن كانت شوارعنا (اربعة رايح جاي)؟ ولست أنسى ثمرة إجتماعية هي التقارب العائلي بين أفراد السيارة – عذراً العائلة- فيسمع الزوج شكوى زوجته وليت شعري أين المفر؟ ومنه توفير أموال الأسر حديثة العهد, فليس يخاف المرء أن تذهب زوجته إلى كذا سوق أو مجمع تجاري في نفس اليوم لتسرف وتبذر هنا و هناك. كما تشكل الإلتواءات والأشكال الهندسية المبنية بالخرسانات الإسمنتية متعة حقيقية لمحبي سباق الفورملا وهي توحي بحس رياضي مرهف خصوصاً وأن الأمر يتطلب ذاكرةً قوية ليسترجع المرء أي الشوارع أغلق وأيها فتح قبل بضع ساعات.

وهذا ما يحضرني و إن كانت الأسباب أكثر كلما تواجدت محاطاً بالمئات من إخواني وأخواتي في شوارع الدوحة, ليس إلا ليتعظ أحدنا أو يتثقف أو يصل رحمه أو يوفر أو يمارس الرياضة. فجزيل الشكر حقيقية وليبارك الله سعيكم المدروس بعناية.

أخوكم,

سائق قطري.


>